حكاية "مسلسل طهران" وكيف انتقل من الشاشة للتنفيذ على يد "الموساد"

في الموسم الأول من مسلسل الجاسوسية الإسرائيلي الأشهر "طهران/ Tehran" (2020)، استطاعت عميلة لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" التسلسل إلى العاصمة الإيرانية، واختراق أنظمة الدفاع الجوي لتسهيل هجوم لسرب من سلاح الطيران الإسرائيلي لضرب أحد المواقع النووية.

أمّا في الموسم الثاني (2022)، استطاعت المرأة اختراق النطاق الخاص بقائد الحرس الثوري -الرجل الأهم في البلاد بعد المرشد الأعلى- واغتياله، بعد تحييد عناصر استخباراتية وتجنيد مسؤول شعبة "الموساد" باستخبارات الحرس الثوري.

ونشر "الموساد" لقطات "دراماتيكية وغير مسبوقة لأنشطة عملاء الموساد على الأراضي الإيرانية"، حسب تعبير موقع "والا" العبري، في عملية تُحاكي أحداث المسلسل الشهير.

وتُظهر إحدى اللقطات عملاء جهاز الاستخبارات الإسرائيلي وهم ينشرون أنظمة الطائرات المُسيّرة التي فُعّلت خلال الهجوم الإسرائيلي ويدمرون أنظمة الدفاع الجوي، بينما يُظهر مقطع آخر إطلاق صواريخ زرعها الموساد في إيران، موجهة نحو أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية لتدميرها.

معدات مموهة

كشف مصدر أمني إسرائيلي عن تفاصيل عملية "الأسد الصاعد" التي نُفِذت الليلة الماضية -بين الخميس والجمعة- في إيران، والتي وثّقها الجيش الإسرائيلي و"الموساد"، واستندت إلى سنوات من التخطيط الدقيق وجمع المعلومات الاستخبارية، ونشر مبكر لقدرات سرية في عمق إيران.

ويشير تقرير لموقع "يديعوت أحرونوت" إلى أنه "في صميم هذا النشاط، حدث تعاون وثيق بين الموساد والجيش الإسرائيلي لإعداد ملفات استخباراتية أدت إلى اغتيال مسؤولين أمنيين إيرانيين كبار وعلماء نوويين بارزين، وإلى جانب ذلك شُنَّت حملة سرية لتدمير منظومة الصواريخ الإستراتيجية الإيرانية وقدراتها الدفاعية الجوية".

وحسب التقرير، شملت هذه الحملة، التي خُطط لها منذ فترة طويلة، ثلاثة محاور عملياتية رئيسية، أولها تثبيت مواقع في مناطق مفتوحة بالقرب من مواقع صواريخ أرض-جو، حيث تم تدريب الأنظمة وإطلاق الصواريخ على الأهداف في آنٍ واحد وبدقة عالية.

الجزء الثاني تضمن مهاجمة أنظمة الدفاع، وخلال هجوم موازٍ نُشرت وسائل هجومية مُموّهة على مركبات هُرِّبت سرًا إلى إيران، بينما أُطلقت أنظمة وتقنيات هجومية متطورة على أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية، وأُبطلت فعاليتها تمامًا -كما زُعم- لإتاحة حرية عمل كاملة لطائرات سلاح الجو الإسرائيلي.

واعتمد الجزء الثالث من الهجوم على طائرات مُسيّرة تعمل من الداخل، وكُشف أيضًا أنه قبل الهجوم بوقت طويل، أُنشِئت قاعدة طائرات مُسيّرة مُتفجرة، على يد عملاء الموساد، بالقرب من العاصمة طهران.

وحسب التقرير، تم تفعيل الطائرات المُسيّرة ليلًا، وأُطلقت على منصات إطلاق صواريخ أرض-أرض في قاعدة "أشفق آباد"، أحد المواقع الرئيسية التي تُشكِّل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل.

حيل مبتكرة

وفق المصدر الذي تحدث إلى "يديعوت أحرونوت"، تطلبت العملية برمتها "تفكيرًا مبتكرًا وتخطيطًا جريئًا ودقة متناهية في استخدام التقنيات المتطورة، وقوات خاصة وعملاء يعملون في قلب إيران، متجنبين تمامًا أعين الاستخبارات المحلية".

وأضاف أن "ثلاثة أنظمة عملياتية مختلفة شُغِّلت في آن واحد، بمزيج غير مسبوق من القدرات الميدانية والاستخبارات الدقيقة والابتكار العملياتي".

في الأشهر الأخيرة، جمعت فرق خاصة من وحدة الاستخبارات الإسرائيلية، في عملية تحضيرية سرية استمرت قرابة عام، "قائمة قتل" دقيقة ومحدثة للمواقع النووية الإيرانية ومصانع الصواريخ الباليستية، وكذلك لرؤساء الأجهزة الأمنية الإيرانية الذين تم القضاء على معظم كبار قادتهم في هجوم موقوت، في غضون دقائق، نحو الساعة الثالثة صباحًا بتوقيت إسرائيل.

ورغم أن بعض كبار المسؤولين الذين تم تصفيتهم دخلوا المخابئ في الأيام الأخيرة نتيجةً للتقارير العالمية التي تتحدث عن اكتمال الاستعدادات الإسرائيلية للهجوم، لكن الاستخبارات الإسرائيلية تمكنت من الحصول على معلومات استخباراتية دقيقة عن الغرفة التي كانوا يقيمون فيها في المقر المحمي الذي ناموا فيه تلك الليلة.

كما تم تصفية مسؤولين كبار آخرين في الوقت نفسه، في شققهم وأماكن إقامتهم الأخرى، تحت مراقبة دقيقة لتحركاتهم.

أيضًا، تعرض العشرات من كبار المسؤولين والعلماء الإيرانيين لهجوم متزامن من الجو بواسطة طائرات مقاتلة وطائرات مُسيّرة وطائرات أخرى إسرائيلية، وليس بواسطة اغتيالات برية، حسب الصحيفة.

ونظراً لصعوبة تصفية كبار المسؤولين، الذين كان بعضهم حذرًا للغاية في الأيام الأخيرة، لجأت الاستخبارات الإسرائيلية إلى مجموعة متنوعة من الحيل والاستفزازات لضمان نجاح عملية اغتيالهم.

لكن الجيش الإسرائيلي يستعد لموجات أخرى من الهجمات المتنوعة في الساعات والأيام القادمة، ومن بين أمور أخرى، مهاجمة الميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق، إذا انضمت إلى طهران.

 

التعليقات