محمد سعد.. كوميديان أعادته "تراجيديا الدشاش" لصدارة المشهد السينمائي

الأمر لم يكن سهلًا على الفنان محمد سعد أن يعود مجددًا إلى صدارة شباك التذاكر بدور السينما المصرية، فمع العام الجديد 2025 نجح مع فيلمه السينمائي "الدشاش" في استعادة بريق النجاح، إذ حقق عقب 3 أيام عرض نحو 7 ملايين جنيه، متربعًا على عرش الإيرادات اليومية.

"أتمنى أن يكون هذا ما يريده الجمهور والنقاد، أتطلع بالفعل إلى أن يعجبهم العمل"، تصريحات إعلامية لمحمد سعد عقب عرض الفيلم بدور السينما، تعكس مدى حرصه على استعادة جسور الثقة مرة أخرى مع جمهوره، والتي بدأت مع ظهوره وتألقه السينمائي في أعمال منها "55 إسعاف" مع أحمد حلمي، وفيلمه الشهير" اللمبي" الذي صنع نجوميته الحقيقية وكرر تقديم الشخصية نفسها عقب ذلك في بعض الأفلام لكن باستثناء" اللي بالي بالك"الذي لم يصادف الكثير منها النجاح.

معترفًا بأهميته في مشواره السينمائي وحب الجمهور له، لكن لا يريد سعد العودة مرة أخرى إلى شخصية "اللمبي" – حتى الآن- مفضلًا أن يسير في دروب مختلفة، كان بدأها بشخصية "بشر الكتناتني" في فيلم "الكنز"، والتي فاز عنها بجائزة أحسن ممثل في مهرجان جمعية الفيلم، وتعاون في الفيلم مع المخرج شريف عرفة صاحب الفضل في تألقه الفني ولفت الأنظار إليه في بدايته الفنية عندما قدمه على خشبة المسرح في دور بارز بمسرحية "كعب عالي" مع حسين فهمي ويسرا وعلاء ولي الدين ووحيد سيف عام 1996.

يحرص الممثل الذي تربى في حي السيدة زينب بالقاهرة على المضي قدمًا في الحفاظ على ثقة جمهوره، التي لا يزعزعها إخفاق في فيلم أو عدم توفيق بمسلسل، لذا ظهر في تجربته السينمائية التالية بشكل مغاير تمامًا من خلال شخصية "الدشاش"، وهو عنوان الفيلم الذي يعرض حاليًا في دور السينما، ومصنف (درامي – حركة) أي أنه يبتعد تمامًا عن الكوميديا التي كانت سبب معرفته بالجمهور منذ تألقه اللافت في فيلم "الناظر" عام 2000 الذي شهد أول ظهور لشخصية "اللمبي" قبل تحويلها إلى سلسلة أفلام مستقلة.

في تجارب محمد سعد السينمائية الكوميدية كان يفاجئ جمهوره بأداء تراجيدي في بعض المشاهد، حتى في فيلم "اللمبي" وأيضًا "كركر" و"اللمبي 8 جيجا"، أو حتى عندما يقدم شخصيتين في فيلم واحد، مثلما فعل في "كتكوت" عندما جسد دور إرهابي دولي يدعى "يوسف خوري" وشخص ساذج من الأرياف يدعى "كتكوت أبو الليل"، كل هذه المحاولات كان سعد يريد التعبير عن نفسه كممثل تراجيدي وليس كوميديًا فقط، خصوصًا أنه في وقت دراسته بالمعهد العالي للفنون المسرحية كان يجسد أدوار جادة تراجيدية، منها دور كاسيوس في مسرحية "يوليوس قيصر" لـ ويليام شكسبير.

كل ذلك كان بمثابة محاولات متكررة من سعد ليعبر عن نفسه كممثل شامل، حتى جاءته الفرصة في فيلم "الدشاش" الذي يأتي بعد غياب 6 سنوات عن السينما، ليصف هذه التجربة في تصريحات إعلامية بأنها "نقلة مهمة طالما كان يبحث عنها"، قبل أن يضيف: "كنت دائمًا أنتظر أن أجمع بين الجاد والكوميدي، ولم أرد أن تكون الشخصية جادة تماما مثل بشر الكتاتني"، لذا في الفيلم الجديد هناك بعض الكوميديا الخفيفة إلى جانب مشاهد الحركة، وكل ذلك موظف دراميًا.

حرص سعد في فيلمه الجديد أيضًا على الاستعانة بعدد من الممثلين المخضرمين وأصحاب الأداء المتميز ومنهم خالد الصاوي وباسم سمرة، كما عاد فيه للتعاون السينمائي للمرة الثانية مع المخرج سامح عبد العزيز، إذ التقى الاثنان من قبل في فيلم " تتح" عام 2013، فيما جمعهما على المسرح عرض "وش السعد" وفي التلفزيون مسلسل "فيفا أطاطا".

مسيرة سعد الفنية التي تمتد منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي منذ ظهوره التلفزيوني الأول بمسلسل "ما زال النيل يجري" مع المخرج محمد فاضل، لم تعبر عن حجم موهبته، إذ يؤكد العديد من النقاد وأيضًا زملاؤه في الوسط الفني أن طاقته التمثيلية مميزة، حسب شهاداتهم بلقاءات إعلامية مختلفة، ومنهم أحمد السقا وهشام ماجد وأمينة خليل وغيرهم.

ورغم أن بعض أعماله جانبها التوفيق إلا أن النظرة النقدية وأيضًا آراء الجمهور لم تتغير نحو موهبة النجم المصري الذي تألق في الكوميديا وأصبحت إفيهاته علامة مميزة في تاريخ السينما المصرية، فيما أعادته الأدوار التراجيدية الجادة إلى صدارة المشهد السينمائي.

 

التعليقات